فتحت عيني علي صوت أبي وقد جاء في اول قطار...وسمعت لهثاته وهو يصعد السلم وينادي بصوت عالي وبلهفه.......
وجريت وفتحت الباب ..فتلقفني في حضنه وظل يقبلني ويبكي ...وانا ابكي.. واضع راسي الصغير علي صدره...ياابي يا حبيبي.. فيقول : أبني حبيبي ما بك؟
فعرفت في تلك اللحظه لماذا لا يطلق أبي أمي علي كل ما تفعله به ...ولماذا تشل يده كلما رفع يده ليهدم بيته ...لماذا يضعف ويفقد السيطره ويصبح كالطفل سليب الاراده ...لأنه يحب اولاده ..وبيته...لأنه يحبني انا ابنه..
وغفرت له ضعفه ...بل لقد احببت ضعفه..ألست أنا ضعفه ؟!!
وبدأت الاقدار تنسج لنا احزانا جديده...
فقد مرض اخي الأكبر ...وقال الاطباء ان العمليه لن تنفع وانه جاء متأخر وان السرطان سيعاود في خلال سنه...ومضت شهور من الانتظار المفزع ...انتظار الموت
وانا كل يوم انظر الي وجهه وهو يضحك فيخيل لي انه جثه تضحك ...وادخل غرفتي واظل ابكي بحرقه...فلم يكن في امكاننا ان نقول له الحقيقه...ولقد تمنيت أن يصيبني الله بدائه ويأخذني لأستريح ..فلم يكن لدي شيئ أتعلق بيه ...أما هو فكان له زوجه وحب يعيش من اجله ...وابنه جميله يعشقها...
كانت الدنيا بين يديه ..وكنت وحدي...ولكن الموت لا يختار ضحاياه....واقتربت النهايه... وكانت الآم العظام تفري جسده ..وكان يصرخ بشده ويتشبت بذراعي ويهتف في ذعر...
لا اريد أن اموت ...لا اريد ان اموت...اني افضل ان تطحنني الآلآم ولا اموت...لا اريد ان اترك زوجتي ..حبيبتي...سعادتي...لا اطيق ان يأخذها رجل اخر مني..
ويمسك بزوجته ويصرخ....
احلفي لي انكي لن تتزوجي بعدي ..احلفي انكي ستعيشين تذكريني ....لا اطيق أن تلمس يديك الحنونتين رجل اخر غيري ...ان هذا يقتلني الف مره اكثر من الموت...
وزوجته تبكي وتقبل يده وقدميه وتؤكد له أنها لن تتزوج...ابدا...ابدا... مدي الحياه...
ثم تخرج في الصاله وتنهار باكيه..وتقول...
لم اعد اطيق عذابه ..ان الآمه تقتلني...اتمني ان يموت ويستريح...ولكن كيف يموت...ان موته يعني انتهاء حياتي..
وطلبت زوجته مني ان ابقي معها في البيت انا وامي ...لنتبادل السهر عليه...ولكن امي اعتذرت بكل بلاده بحجه انها لا تستطيع ان تترك البيت ..ولأنها ليست في السن التي تسمح لها بالسهر الي جوار مريض ...
ومن هو هذا المريض ...انه ابنها.........
انتظروا الحلقه القادمه............