وكان معني هذا الطلاق ان تظل أمي كما هي في البيت...ويزورنا والدي كالمعتاد في ايام اجازته علي الا تقع عينه عليها...ويكتفي بحرمانها من الميراث والمعاش....حفظا لكرامته...
وكان هذا يعني في نظر أمي أشد عقاب يمكن أن ينزل بها ....وانه لأهون عندها أن تحرم من بيتها ومنا ومن سمعتها...ولا تحرم من ميراثها....فلم يكن لها هم سوي جمع المال من اي طريق...
ولو انها وجدت سوقا لتبيعنا فيه لباعتنا بأبخس الأثمان...
وبالطبع انتهت حكايه الطلاق كما تنتهي الخلافات اليوميه بمجرد دخول غرفه النوم ....وصافي يا لبن. حليب يا قشطه...واللي كان كأنه ما كان....وينتهي كل شيئ ...وتعود المياه الي مجاريها...
كان هذا هو حال ابي المسكين مع امي ...وحاله معنا...
وكنا نغتفر له ضيق صدره...وعصبيته لأننا نعلم قله حيلته.
وأحيانا حينما كان يجمعنا حوله ليحكي لنا القصص...كنت أري عينيه تنتدي بالدموع ..وهو ينظر الينا..
ويضمنا الي صدره ...وكان في تلك اللحظات يغير موضوع الحديث ...ويبدأ في اعطائنا درسا في الوطنيه ويغني لنا...ونحن نغني معه...وهو يدير وجهه الي الخلف ويمسح دموعه....
كم أحببت أبي ...كم أحببته....
وكنت أريد أن ابكي ..واشكو احزاني ...ولكن لمن اشكوها ...لامي ...لابي ...لم يكن هناك مفر ..
كان لابد ان اتعذب وحدي ...وكانت النتيجه اني مرضت ونقص وزني ...واصبحت عيناي واسعتين جدا
ومخيفتين...
وكان والدي متغيب في تلك اللحظه في مهمه طبيه بالمنيا.....
وامي سارحه علي كيفها تنط كل يوم الي العزبه وتعود سكرانه ...وأنا نائم في فراشي ..حرارتي مرتفعه...ورأسي تكاد تنفجر من الحمي....وقلبي يطحنه احساس ذليل يائس...
وبلغني خطاب من أبي في ذلك الوقت يصف لي مدي زعره من حلم راه....
وهو أني مريض ملازم الفراش ...وحولي أطباء يفحصوني ويقولوا لأبي في نفس واحد..:
مفيش فائده فيصرخ ابي ...ويصحو من نومه ليجد نفسه جالسا والدموع في عينيه..
ويستحلفني بأن ارد فورا وبخط يدي...
وفعلا كتبت له في الحال...وكنت متأثر جدا ...وظللت ابكي طول النهار والليل ولم يغمض لي جفن وأنا بين احساس عنيف بالحزن ...واحساس عنيف بالسعاده ...
بالحزن علي نفسي...وبالسعاده لأن ابي يحس بي ويشعر بي الي هذه الدرجه
وفي الصباح......................
انتظروا التاليه...........