كان اول شيئ نظرت اليه هو صندوق البريد...وهناك كانت حزمه من الاوراق تنام في الصندوق وعليها اسمي وعنواني ...وقفز قلبي بين ضلوعي ...وانتزعها في لهفه وصعدت السلم وثبا...ثم دخلت غرفتي وأغلقت الباب خلفي وفتحت الاوراق ..وكانت منها وكانت مكتوبه بالقلم الرصاص في عجله وانفعال...
وألقيت نفسي في مقعدي ...وبدأت أقرأ..:
أول شخص أعي عليه هو شقيقي الاكبر والوحيد ...وأول حادث أذكره هو حادث بين أختي وزوجها ...
وبعد ذلك وعيت علي أبي الطبيب الكبير الذي يخشاه كل فرد في البيت ويرتجف منه...وانا لا اجسر علي الوقوف امامه ...
وجو البيت الملئ بالممنوعات ...ممنوع الخروج ..ممنوع الوقوف في البلكون... ممنوع الذهاب لمنزل احد من اصحابي...وعدم الذهاب الي السينما ...لانها كانت محرمه علينا تماما...مع أني ولد.
لان ابي شاهد فيلما ذات مره يخل بالاداب العامه والاخلاقيه..وأختتم ثورته بأن حرمها علينا...
ولكنه بالرغم من شدته وصرامته...كان طيبا وحنونا يمرض لمرضنا...ويبكي لبكائنا ...ويطعمنا بيده.. ويغني لنا ...علي عكس أمي الجافيه القاسيه...وهي تخرج وتدخل علي كيفها ...لا تشغلها الا شئونها ونزواتها وثيابها وزياراتها وصديقاتها ...ولا يهمها ان كنا نموت أو نعيش....
وكانت أمي هي الصخره التي تتحطم عليها صلابه أبي وشدته...كان يقضي النهار في الصراخ والشجار معها...فاذا احتواهما الفراش ذابت ثورته وتحول الي حمل وديع تهدهده علي صدرها... وتأمره وتلهو به كيف شاءت ...
وكنا نعلم نحن الصغار ..أن امي تلهو بأبي ...وتمشي علي كيفها...
وكنا في اشهر الاجازه الصيفيه نسافر كلنا الي العزبه ويبقي والدي في القاهره للعمل في عيادته..
وفي العزبه كانت أمي تمرح علي كيفها مع عمي العمده الذي لاعمل له سوي ركوب الخيل... واطلاق النار في الهواء ...واصطحاب امي بالليل والنهار ...وضحكاتهما ترن في الحقول ..وخلف الابواب المغلقه بالليل...
وكنا نسمع ونسكت...ولا يخطر علي بالنا ان أبي يعلم من هذا الامر شيئا....حتي فوجئنا بعد سنوات بخناقه تهتز لها أرجاء البيت وأبي يصرخ بأنه سبق أن نبهها الي سلوكها المشين في العزبه ...فلم ترتدع وتمادت في علاقتها الآثمه...وأنه لا يجد امامه وسيله الآن ...
الا الطلاق.................
انتظروا الحلقه القادمه...............